وقفت بشخصها على قارعة الطريق ذاك متلهفة مترقبة عودة غائبٍ من طول سفر و ابتعاد تعد الدقائق و الثواني فتمر صعبةً عليها هذه اللحظات لا أحد هناك سوى هي مع النسيم العليل يداعب خصلات شعرها ويلامس الوجنات و ضوء القمر منير يشع بضيائه الأرجاء سكون ساد المكان و لكن بعدها اجتمعت كومة من السحاب و بدأ الطقس بالتغير و تبدل الحال فقالت بتثاقل: يبدو أن مطراً سيهطل الآن و رأت ظلاً من بعيد و كأن هاتفاً يقول: هذا هو الحبيب آت فخفق القلب صعوداً و هبوطاً فرحةً للقياه واجتمعت الدموع في العين تعبيراً عن المسرات و مع اقترابه اكثر فأكثر سقطت قطرة مطر معلنة عن سقوط أخريات فأخذ يسرع خطاه لكي لا يبل المطر ملابسه و يتسخ الحذاء أخذ يفكر بصمت عن أحوالها تلك الشقراء التي هجرها رفع رأسه فرأى طيفها واقف أمامه لكنه لم يكن حلم بل حقيقة أغمض جفنه و أعاده للفتح ليتأكد أنها ليست أضغاث أحلام فارتسمت ابتسامة عريضة على شفتيها كسرت الاندهاش و الانبهار ففتح ذراعيه عالياً لتركض إليه مهرولة تشق السكون خطاها المسرعة و لكي تعلم الأرض بأن المعشوق قد عاد فضمها معانقاً عناق الملهوف المشتاق و طبع قبلة على خدها المتورد الأخاذ بعد عناقٍ دام ساعات و فرحة غمرت بفيضها السماوات مسكا أيدي بعضهما ببعض و سارا بعيداً في صمت فالعيون تحكي لوعة و معاناة الغياب و القلوب تحكي طرباً عن مسرة اللقاء..